ذكر في هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً}(النساء:103). أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين كتاباً أي: شيئاً مكتوباً عليهم، واجباً حتماً موقوتاً أي: له أوقات تجب بدخولها، ولم يشر هنا إلى تلك الأوقات، ولكنه أشار لها في مواضع أُخرى كقوله: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}(الإسراء:78)، فأشار بقوله : لدلوك الشمس وهو زوالها عن كبد السماء على التحقيق إلى صلاة الظهر والعصر ؛ وأشار بقوله : إلى غسق الليل وهو ظلامه إلى صلاة المغرب والعشاء ؛ وأشار بقوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) إلى صلاة الصبح ، وعبر عنها بالقرآن بمعنى القراءة ؛ لأنها ركن فيها من التعبير عن الشيء باسم بعضه .
وهذا البيان أوضحته السنة إيضاحا كليا ، ومن الآيات التي أشير فيها إلى أوقات الصلاة كما قاله جماعة من العلماء ، قوله تعالى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ }(الروم:17ء18، قالوا : المراد بالتسبيح في هذه الآية الصلاة ، وأشار بقوله : حِينَ تُمْسُونَ إلى صلاة المغرب والعشاء ، وبقوله : وَحِينَ تُصْبِحُونَ إلى صلاة الصبح ، وبقوله : وَعَشِيّاً إلى صلاة العصر ، وبقوله : وَحِينَ تُظْهِرُونَ إلى صلاة الظهر . وقوله تعالى : {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ}(هود:114) ، وأقرب الأقوال في الآية أنه أشار بـ طَرَفَيِ النَّهَارِ إلى صلاة الصبح أوله وصلاة الظهر والعصر آخره أي : في النصف الأخير منه وأشار بـ زُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إلى صلاة المغرب والعشاء .
وقال ابن كثير : يحتمل أن الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ، وكان الواجب قبلها صلاتان : صلاة قبل طلوع الشمس ، وصلاة قبل غروبها ، وقيام الليل ، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس ، وعلى هذا فالمراد بطرفي النهار بالصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، والمراد بزلف من الليل قيام الليل .
أيها الأحبة الكرام لقد جاءت نصوص كثيرة في الحث على المسابقة إلى الخيرات والمسارعة في الطاعات، ومن ذلك ما جاء في أمر المبادرة إلى الصلوات، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو يَعْلَمُ الناس ما في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لم يَجِدُوا إلا أَنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إليه، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا". رواه البخاري (590) ومسلم (437) واللفظ له.
فيديو: فضل الصلاة في وقتها الشيخ/ نبيل العوضي